كتاب الدراجة الهوائية : كلما آبت دراجة إلى البيت
هذا ليس كتابا عن الدراجة الهوائية، رغم أنها الثيمة العامة المتجلّية في العنوان والبارزة فيما بعده، ويا للمفارقة! انطلق حمود حمد الشكيلي بالدراجة الهوائية كمدخل مهم للحرية أولا وللحب دائما، فنقرأه متأمّلًا للاثنين معا، ساكبًا روحه فيهما، وممارسا لطقوسهما معًا. لا تشكّلُ الدراجة الهوائية وسيلة مواصلات متاحة من مئات من مئات السنين للطبقة الكادحة فحسب، وإن كان من الممكن النظر إليها بهذه الخلفيّة، وهذا ما لا يطمح إليه الكتاب في عمقه، بل إنها وسيلة حرية في زمن تضيق فيه الحرية الفردانية للأشخاص والجمعية للأمم، حيث عززت الأوبئة من العزلة القاسية كسجن قسري؛ عوضا عن مشروع الحرية الكبرى للإنسان وخلاصه من قيود تحدّ من حركته الجسدية والروحية والفكريّة، كأنما خلاص الإنسانية كلها بدا مرهونًا على عجلتين. يعبُر كتاب الدراجة الهوائية للشكيلي بقرائه في المزيج الفريد إلى الأنواع الأدبية والكتابية المتعددة، فنجده باحثًا تاريخيًا في أصل الأفكار، ومدونًا نصوصًا وقصصًا، ومستكشفًا حالاتٍ ويومياتٍ حميمة، ومتأمّلًا أشعارًا مُعبّرة، وحالمًا مُتخيلًا لما هو أبعد من الواقع، عائدًا بنا إلى ما يدغدغ الطفولة في مشاهد يتآلف معها القارئ، وتستثير حنينًا كثيرًا ما راوده فيها.